منذ عشرين عاما، نشرت لي مؤسسة دار المعارف في سلسلة اقرأ كتابا بعنوان (ثورة الإعلام)، تنبأت فيه بما يجري الآن من تطورات مدهشة في السوق الإعلامية، وتحور وتغير المحتوي بتغير تقنيات وسائل الإعلام الجديد، القائم على الرقمية باندماج المعلومات والاتصالات، مما أدى إلى ظهور بيئة اتصالية مختلفة عن بيئة الإعلام التقليدي تنوعت حولها الرؤي.
هناك من يرى أن الإعلام الرقمي اختزل الزمان، وعبث بالمحتوى الإعلامي وراوغ الجمهور، وغيّر من مفهومه الذي كان (مستقبلا) للإعلام التقليدي فجعل منه (مرسلا ومستقبلا في آن واحد).
وهناك من يري أن الإعلام الرقمي ثورة حقيقية جعلت من دراسات الإعلام التقليدي تراثا قديما ينضوي تحت علم تاريخ تطور الإعلام.
وهناك من يؤكد أن الإعلام الرقمي غير مفاهيم، ونظريات، ومناهج، وأدوات البحث.
وهناك من يرى أن الإعلام الرقمي ظاهرة طوفانية اجتاحت سوق الإعلام ودراسات وبحوث الإعلام، ولا يمكن النظر إليه كما يفعل بعض أساتذة الإعلام، كظاهرة عابرة في تاريخ الدراسات الإعلامية، بل هو وافد جامح، فرض نفسه بقوة، غيرت كثيرا في المهارات المهنية والقدرات البحثية.
لقد أضاف الإعلام الرقمي أنواعا من الكتابة الجديدة على فنون التحرير واللغة الإعلامية، وفنون الإخراج.
الإعلام الرقمي حاليا يطرح إشكاليات منهجية معقدة، ونظريات إعلامية مغايرة، وصولا إلى التعامل معها بمناهج وأدوات مختلفة، ومصطلحات جديدة، معبرة عن البيئة الإعلامية الجديدة، وانتهاء بصعوبة الموضوعات البينية التي يتعامل معها.
الإعلام الجديد فرض نفسه واقعا معاشا، يمشي بين الناس وحسبك ما نشر من إحصائيات عام 2021 حول مستخدمي التليفون (المحمول) حول العالم، حيث بلغ 5.29 مليارات، وأن مستخدمي الإنترنت بلغ 4.88 مليارات، أي ما يقارب 62% من عدد سكان العالم، أما مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي النشطون فقد جاوز نصف السكان، وبلغ أكثر ﻣﻦ4.55 مليارات.