قنوات الدعاة - التحديات والأولويات

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الإعلام ونائب المدير السابق - جامعة إفريقيا العالمية – السودان

المستخلص

لا شك أن للإعلام الرقمي دورا كبيرا في خدمة الدعوة الإسلامية بمختلف مجالاتها وكذلك التوعية بمخاطر التطرف والغلو، كما أنه يلعب الدور الأكبر في توعية الشباب بالتزام واكتساب القيم الفاضلة وتصحيح الفهم للدين، كما أن هذه القنوات قد ساعدت على التواصل بين الشعوب الإسلامية والشعوب الأخرى والمجتمعات المختلفة.
أيضًا أصبح الإعلام الرقمي أحد الموضوعات المقلقة لكثير من الشعوب والمجتمعات للتوسع والانتشار الكبير في مساحات مهمة ومنها التأثير على فئات الشباب، نسبة لاستخدامه في الجوانب السالبة والهدامة من دعوة للفتنة الطائفية والدينية والصراعات بين الجماعات المسلمة والمجتمعات وبالتالي أضعاف اللحمة بين الشعوب المسلمة والتغرير بالشباب المسلم ودفعة احياناً الي التطرف.
وتستهدف هذه الورقة التعرف على أهمية القنوات الرقمية الدعوية وعلى التحديات التي تواجه هذه القنوات الإعلامية في تبصير الشباب المسلم بالممارسة الصحيحة لتعاليم الإسلام بوسطية بعيداً عن التطرف والغلو الذي وقع ضحيته العديد من الشباب في المجتمعات المسلمة وغيرها وكذلك تتناول الورقة أولويات التناول والخطاب من خلال هذه النوافذ الرقمية.
أهمية القنوات الرقمية الدعوية:
لا يخفى علي أحد اثر القنوات الرقمية البالغ علي الافراد والجماعات بل علي المؤسسات والدول وفي العصر الحالي أصبحت الفضائيات تلعب دورا كبيرا في صناعة الحدث، والواقع يدل علي أن نفوذ القنوات أصبح قوة لا يستهان بها، فهي توجه الرأي العام وتتسلط علي السياسة والاقتصاد وأصبح قطاع الشباب من أكثر الفئات في المجتمع التي تتأثر بالقنوات الرقمية نسبة لأنهم الأكثر متابعة لهذه القنوات ولديهم المقدرة علي التفاعل والتواصل والتأثير عبرها.
فإن ثورة التكنولوجيا وانتشارها السريع في العلم في هذا القرن والمتمثلة في تطور وسائل حديثة من شبكة الإنترنت والقنوات الفضائية أصبح أكثر تأثيرا في التواصل بين أمم العالم، حيث تحول العالم إلي قرية صغيرة تربطها شبكة اتصالات واحدة عبر الأقمار الصناعية ، من خلال ما تبثه من علوم نافعة والتأثير في التوعية الدينية، فانتفع المسلمون حول العالم بالقنوات الفضائية الهادفة والدينية الإسلامية الرشيدة ، فانتشرت بذلك عقيدة الإسلام، واستبانت شريعته ، واتضحت أحكامه ، وعباداته ،وأخلاقه ، وآدابه ، وأميط اللثام علي حضارة الإسلام ، كما عنيت الفضائيات بتخصيص مساحات وافية للأسرة ، والطفل ، والشباب ، والطلاب ،وعنيت أيضا بذوي الاحتياجات الخاصة، وأصبحت هذه القنوات الفضائية الإسلامية ذات أهمية بالغة في نشر الدعوة الإسلامية في المجتمع[1] .
ولاشك أن استخدام الوسائل النافعة الناجعة يفضي إلي النتائج المرغوبة والمطلوبة ، والدعاة إلي الله – تبارك وتعالي – هم أولي الناس بالوسائل التي تقربهم وتصلهم بالناس وتصل بدعوتهم الخلق جميعا.
والوسائل كثيرة ومتنوعة – فأن منها ما يتوصل به إلي أمر معنوي ومنها– ما يتوصل بها إلى أمر مادي، فمن هذه الوسائل –الوسائل الفنية العلمية ، كوسيلة الإذاعة، والتلفزيون– والقنوات الفضائية، وما إلى ذلك؛ لذا يجب الاستفادة منها؛ لأنها وسيلة مهمة وفعالة في الدعوة إلي الله عز وجل[2].
تشهد الساحة الإعلامية الحالية تطورات هائلة مست أطراف العملية الاتصالية خاصة بعد اقترانها بالمميزات التي أتاحتها شبكة الإنترنت و ظهور الإعلام الإلكتروني ،الذي فرض على الصحفي المحترف واقعا مهنيا يختلف في بعض جوانبه عن الإعلام التقليدي ،ما استوجب عليه التطوير من مهاراته التقنية تناسبا و طبيعة الوسيلة الإعلامية وهذا بالنظر للتنافس الذي يشهده العمل الإعلامي المحترف مع ما يعرف بصحافة المواطن التي جعلت المستخدم مرسلا ومستقبلا للمعلومات، كل هذه التحديات المهنية والتقنية خلقت تحديا آخر وهو التحدي الأخلاقي الذي استوجب وضع مواثيق وضوابط أخلاقية تنظم النشر عبر الإنترنت حيث تضبط التنظيمات المهنية وكيفية تعامل الصحفي المحترف مع الميديا الجديدة من جهة، وتؤطر عمل الصحفي الهاوي من جهة أخرى خاصة في ظل التجاذب القائم بين الإعلام التقليدي و الجديد[3].
وتأتي أهمية هذه القنوات من أنها أصبحت منصات للشباب وخاصة من الدعاة الذين أصبحوا يقدمون برامج دينية لها أثرها علي الشباب المسلم وغير المسلم وبعضهم يسهم بصورة ملحوظة في نشر الدعوة الإسلامية عبر هذه القنوات الرقمية.
وأيضًا تأتي أهمية القنوات الرقمية الدعوية في توعية الشباب بالدين الوسطي الصحيح الذي بدوره يعمل علي خلق توازن داخل المجتمع المسلم ويعمل علي حفظ السلم الاجتماعي والابتعاد عن الصراعات المذهبية والطائفية وخاصة خلال هذا العصر الذي أصبح يشهد نوعا من الصراعات الدينية ليست بين الإسلام والديانات الأخرى بل داخل الإسلام نفسه بين الفرق والجماعات المسلمة.
وأصبحت فئة الشباب من أكثر الفئات المستهدفة في المجتمعات؛ لأنها تمثل الحاضر والمستقبل وكثير من هذه القنوات الدعوية الرقمية كأن لها الاثر الايجابي والسلبي داخل المجتمع وخاصة وسط الشباب الذين تأثروا كثير بما تعرضه هذه القنوات[4].
ويمكن القول إن القنوات الرقمية الدعوية اكتسبت اهميتها من أنها تتسم بالمصداقية رغم التحديات والعقبات التي تواجهها لأنها ببساطة إعلاما يتسم بالطهر وينسجم مع الفطرة السوية، وتهمل هذه القنوات علي نشر المفاهيم الدينية والقيم الإسلامية الصحيحة بالأسلوب التقني الجذاب حتي يظهر الإسلام علي صورته الحقيقية كي يؤدي دوره الحقيقي.
 
[1] - خالد سعد النجار الإعلام الاسلامي بين الواقع والمأمول، صيد الفوائد، 2021م.
[2] - اهمية الإعلام، النجاح نت، 4 سبتمبر 2011م.
[3] - عبد الستار فتح الله سعيد، الغزو الفكري والتيارات المعادية للإسلام، 2022م.
[4] -عبدالوهاب كحيل، الاسس العلمية والتطبيقية للإعلام الإسلامي، 2019م.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية