الوعي الديني لدى الشباب في العصر الرقمي

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

أستاذ الصحافة – قسم الإعلام التربوي كلية التربية النوعية – جامعة المنصورة

المستخلص

أحدثت الثورة الرقمية تغييراً في مناحي الحياة المختلفة، ولم يقتصر تأثيرها على الصناعة وطرق الإنتاج، بل امتد كذلك إلى المنظور المعرفي والثقافي.
ويعد الدين أحد الظواهر الأساسية التي تأثرت أكثر من غيرها بالثورة الرقمية الحالية، والدعوة باعتبارها أحد المبادئ الأساسية للإسلام ليست استثناءً لهذه الثقافة السيبرانية العالمية؛ من أجل الحفاظ على أهميتها ومعالجة احتياجات المجتمع المسلم المعاصر.
وتشير الدراسات العديدة إلى تنامي وتزايد استخدام الدعاة للمنصات الإعلامية الرقمية في الدعوة إلى الله، حيث تتميز هذه المنصات بمجموعة من الخصائص: تعدد الوسائل والتفاعلية – الاستغراق في عملية الاتصال – المشاركة والإنشاء – الحركة والمرونة – العالمية – الانتباه والتركيز – الأرشيفية والتخزين والحفظ.
فقد منحت الثورة الرقمية آفاقاً جديدة للدعوة مع إمكانية نشر رسالة الإسلام على نطاق واسع، ولكن في الوقت نفسه فإن لرقمنة الاتصال والثقافة آثاراً أخلاقية غير مسبوقة تتعلق بالثقافة الرقمية والأخلاقيات الرقمية.
 ومن الضروري التأكيد على أن أسلوب إجراء الدعوة يجب أن يكون وثيق الصلة بالعصر الحالي، وفي نفس الوقت يجب أن يتوافق مع مبادئ وأخلاقيات الدعوة في القرآن والسنة.
وعلى الرغم من أن البيئة الرقمية قد أوجدت عدة إشكاليات أخلاقية لاستخدام الدعاة لمنصات الإعلام الرقمي فإن المبادئ العامة للقيم والأخلاقيات تكاد تتشابه في كل من البيئة الدعوية التقليدية (المسجد، المنتديات العامة، وغيرها..)، وإن كانت البيئة الرقمية قد أضافت قيماً وأخلاقيات جديدة لهذه المنظومة، فالقيم المهنية والأخلاقية واحدة بغض النظر عن طبيعة الوسيلة التي يقدم الداعية من خلالها رسالته للجمهور، والاختلاف بينهما يتمثل إما في كيفية ممارسة هذه القيم والأخلاقيات، وإما في إضافة قيم أخلاقية مشتقة من طبيعة البيئة الرقمية.
ومن متابعة الباحث للخطاب الإعلامي الديني للدعاة على المنصات الرقمية المختلفة (مواقع التواصل الاجتماعي: (الفيسبوك – اليوتيوب – التيك توك.... وغيرها)، وجد الباحث أن بعضها يفتقد للضوابط الأخلاقية الشرعية التي وضحها الإسلام وأكد عليها في مواطن كثيرة ومن أبرزها قوله تعالى: {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125( سورة النحل.
كما لاحظ الباحث أن الإشكاليات الأخلاقية للدعوة في الواقع الحقيقي قد صدَّرها بعض الدعاة إلى الواقع الافتراضي؛ مما يستدعي التذكير بالأسس والضوابط الأخلاقية التي تحكم العمل الدعوي وتساعد الدعاة على الالتزام بالمنهج الإسلامي الصحيح، حتى يثمر الخطاب الدعوي وعياً حقيقيًّا يتوافق مع سماحة الدين الإسلامي الحنيف.

الكلمات الرئيسية

الموضوعات الرئيسية